دار النوادر
دار النوادرFacebookTwitterLinkedInGoogle
تعقبات الفارسي لشيخه الزجاج في (الإغفال)
تعقبات الفارسي لشيخه الزجاج في (الإغفال)
أَحْمَدُكَ، اللَّهُمَّ، حَمْدًا كَثيرًا يُنيرُ الْقُلوبَ وَيَغْفِرُ الذُّنوبَ، وَأُصَلّي عَلى نَبـِيـِّكَ الْكَريمِ مُحَمَّدٍ وَعَلى آلِ محمَّدٍ وَصَحْبـِهِ.
وَأُسَلِّمُ تَسْليمًا يُجْزِلُ الثَّوابَ، وَيَشْفَعُ لَنا جَميعًا يَوْمَ الْحِسابِ.
ثُمَّ أَمّا بَعْدُ:
فَهِذِهِ دِراسَةٌ خَصَّصْتُها لِلْكَلامِ عَلى المَواطِنِ الَّتي خَطَّأَ فيها أَبو عَلِيٍّ، الْحَسَنُ ابنُ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ الْغَفّارِ، الْفارِسِيُّ الْفَسَـوِيُّ النَّحْوِيُّ، المُتَوَفّى سَنَةَ سَبْع وَسَبْعينَ وَثَلاثِمِئَةٍ لِلْهِجْرَةِ النَّبَوِيَّةِ الشَّريفَةِ (ت377ﻫ) = شَيْخَهُ أَبا إِسْحَاقَ، إِبْراهيمَ بنَ السَّرِيِّ ابنِ سَهْلٍ، الزَّجّاجَ، المُتَـوَفّى سَنَةَ إِحْدى عَشْـرَةَ وَثَلاثِمِئَةٍ لِلْهِجْرَةِ النَّبَوِيَّةِ الشَّريفَةِ (ت311ﻫ). أَعْنـي الأَخْطاءَ الَّتي أَخَذَها عَلى شَيْخِهِ في ’مَعاني الْقُرْآنِ وَإِعْرابه‘، وَجَمَعَها في مُؤَلَّفٍ وَسَمَهُ بـِ ’الإِغْفال‘.
قَصَدْتُ، فيما قَصدْتُ إِلَيْهِ مِنْ هَذِهِ الدِّراسَةِ، أَنْ أَسْتَخْرِجَ المَواطِنَ الَّتي نَصَّ فيها أَبو عَلِيٍّ عَلى خَطَأ شَيْخِهِ أَبي إِسْحَاقَ، وَأُصَنِّفَها وَأَدْرُسَها. وَقَدْ كانَ دَفَعَني إِلى هَذِهِ الدِّراسَةِ أُمورٌ، لَعَلَّ أَهَمَّها:
ـ صِلَةُ هَذِهِ الدِّراسَةِ الْقَوِيَّةُ بِكِتابِ اللهِ جَلَّ وَعَزَّ الْقُرْآنِ الْكَريمِ، وَإِعْرابِ آياتِهِ، وَفَهْمِ مَعانيهِ. وَحَسْبي بِهَذِهِ الصِّلَةِ ثَراءً إِعْرابـِيًّا وَلُغَوِيًّا.
ـ إِغْماضُ الدّارِسينَ عَنْ هَـذا الأَثَرِ النَّفيسِ، أَعْني ’الإِغْفال‘؛ إِذْ لَمْ يَتَوافَرْ عَلى دِراسَتِهِ، فيما أَعْلَمُ، إِلّا مُحَقِّقا الْكِتـابِ، فَلِلْكِتابِ دِراسَتانِ قَديمَةٌ وَحَديثَةٌ، وَهُما دِراسَتانِ مُخْتَصَرَتانِ جِـدًّا موجَزَتانِ، وَكِلْتاهُمـا ضَرَبَتا صَفْحًـا عَمّـا عُنـيتُ بِدِراسَتِهِ هاهُنا.
ـ ’الإِغْفـالُ‘ لأَبي عَلِيٍّ الْفارِسِيِّ. وَأَبـو عَلِيٍّ هُوَ مَنْ هُوَ في هَذِهِ الصِّناعَةِ، وَجَعَلَهُ( ) غَيْرُ ما واحِدٍ في طَبَقَةِ سيبَوَيْهِ.
وَلمّا كانَ ما أَسْلَفْتُ، رَأَيْتُ أَنْ أُقيمَ دِراسَتي هَذِهِ عَلى ’الإِغْفال‘، وَأَنْ أُعْنى بِتِلْكَ المَواطِنِ الَّتي نَصَّ فيها أَبو عَلِيٍّ عَلى خَطَأ شَيْخِهِ، وَلا سِيَّما أَنَّ غَيْرَ واحِدٍ ذَكَرَ أَنَّ أَبا عَلِيٍّ كانَ مُتَحامِلاً عَلى أَبي إِسْحَاقَ؛ لِسَبَبٍ وَقَعَ بَيْنَهُما( ).
ثُمَّ لمّا صَحَّ الْعَزْمُ مِنّي عَلى هَذِهِ الدِّراسَةِ، واجَهَتْني صُعوبَتانِ:
ـ أُوْلاهُما ما تَغَشّـى أُسْـلوبَ أَبـي عَلِيٍّ مِـنْ غُموضٍ في مَواطِنَ اسْتَوْقَفَتْني كَثيرًا؛ لأَقِفَ عَلَيْها الْوُقوفَ الصَّحيحَ.
ـ وَأَمّا الثّانِيَةُ فَما اعْتَرى غَيْـرَ قَليلٍ ممّـا طُبـعَ مِـنْ كُتُبِ التُّراثِ الْعَرَبـِيِّ مِنْ ضُروبِ الْخَلَلِ مِنَ التَّصْحيفِ وَالتَّحْريفِ، وَخُلُوِّ نُصوصِها في مَواضـِعَ غَيْرِ قَليلَةٍ مِنْ تَفْقيرِ الْكَلامِ وَأَدائِهِ عَلى مَعانيه، وَافْتِقارِ حَواشيها إِلى ما يُنيرُ النَّصَّ وَيُدْنيهِ مِنَ الْقارِئِ؛ كُلُّ أُولَئِكَ جَعَلَ المُقابَلَةَ بَيْنَ هَذِهِ الْكُتُبِ أَمْرًا لا مَفَرَّ مِنْهُ.
أَدَرْتُ دِراسَتي هَذِهِ عَلى تَمْهيدٍ، وَثَلاثَةِ فُصولٍ، وَخاتِمَةٍ:
أَمّا التَّمْهيدُ، فَقَدْ بَيَّنْتُ فيهِ مَعْنى (التَّعَقُّب) لُغَةً وَاصْطِلاحًا، وَتَحَدَّثْتُ عَنْ أَبي إِسْحَاقَ الزَّجّاجِ وَتُراثِهِ، وَأَبي عَلِيٍّ الْفارِسِيِّ وَتُراثِهِ، وَأَفْرَدْتُ ’الإِغْفال‘ مِنْ تُراثِ أَبي عَلِيٍّ بِكَلامٍ.
وَأَمّا الْفُصولُ الثَّلاثَةُ فَكانَ الأَوَّلُ مِنْها مُخَصَّصًا لِلْمَسائِلِ النَّحْوِيَّةِ، وَهِيَ سَبْعٌ وَثَلاثونَ مَسْأَلَةً رُتِّبَتْ بِحَسَبِ وُرودِها في كِتابِ (الإِغْفال)، وَالثّاني لِلْمَسائِلِ الصَّرْفِيَّةِ، وَهِيَ ثَماني مَسائِلَ رُتِّبَتْ كَأَخواتِها، وَالثّالِثُ لِسِوى النَّحْوِ وَالصَّرْفِ، وَهِيَ سِتَّ عَشْرَةَ مَسْأَلَةً: سَبْعٌ في النِّسْبَةِ، وَاثْنَتانِ في المَعْنى وَالتَّأْويلِ، وَأَرْبَعٌ في الْعِلَّةِ وَالْجِهَةِ، وَاثْنَتانِ في التَّمْثيلِ، وَواحِدَةٌ في الْقِراءاتِ الْقُرْآنِيَّةِ.
عَلى أَنَّ تَرْتيبَ المَسائِلِ في هَذا الْفَصْلِ كَما الْفَصْلَيْنِ السّالِفَيْنِ؛ أَيْ: بِحَسَبِ وُرودِ كُلِّ مَسْأَلَةٍ في ’الإِغْفال‘.
أَمّا تَرْتيبُ أَقْسامِهِ فبـِحَسَبِ أَوَّلِ مَسْأَلَةٍ في كُلِّ قِسْمٍ، فَمَسائِلُ الدِّراسَةِ، كَما تَرى، إِحْدى وَسِتُّونَ، وَكُنْتُ، في كُلِّ مَسْأَلَةٍ مِنْ هَذِهِ المَسائِلِ، أَذْكُرُ رَأْيَ أَبي إِسْحَاقَ أَوْ قَوْلَـهُ فيـها، مُيرًا إِلى جَميع الْفُروقِ بَيْنَ ما قالَهُ أَبو إِسْحَاقَ في ’مَعاني الْقُرْآنِ وَإِعْرابه‘ وَما ذَكَرَهُ أَبو عَلِيٍّ عَلى لِسانِ أَبي إِسْحَاقَ في ’الإِغْفال‘، ثُمَّ أَذْكُرُ ما ذَهَبَ إِلَيْهِ أَبو عَلِيٍّ أَوْ قالَهُ، وَأَذْكُرُ، مِنْ ثَمَّ، آراءَ الْعُلَماءِ في المَسْأَلَةِ أَوْ كَلامَهُمْ ما احْتَجْتُ إِلى ذَلِكَ، خاتِمًا كُلَّ مَسْأَلَةٍ بِرَأْيي فيها مَبْنِيًّا عَلى ما سَلَفَ.
وَأَمّا الْخاتِمَةُ، فَضَمَّنْتُها أَبْرَزَ النَّتائِج الَّتي تَمَخَّضَتِ الدِّراسَةُ عَنْها.
وَإِذا كانَ لا يُرادُ بِالشُّكْرِ تَوْفِيَـةُ حَقٍّ أَوْ قَضـاءُ دَيْـنٍ فَالشُّكْـرُ أَخْلَصُهُ وَأَجْزَلُهُ لأُسْتاذي الْجَليلِ الْفاضـِلِ الأستاذ الدّكتور مُحَمّد عَبْد المَجيد الطَّويل الَّذي كَرَّمَني فَقَبـِلَ الإِشْرافَ عَلى هَـذِهِ الدِّراسَةِ بِدايَةً، وَأَسْبَغَ عَلَيَّ فَضْلَهُ، وَأَفادَني فَوائِدَ جَمَّةً أَصْلَحَتْ ما انْآدَ مِنْ هَذا الْعَمَلِ.
عَلى أَنَّ هَـذا الشُّكْرَ مَوْصولٌ لِمَنْ كَرَّمَتْني أَيْضًا فَقَبـِلَتْ أَنْ تُتابـِعَ الإِشْرافَ عَلى هَـذِهِ الدِّراسَةِ، أَعْني الأُسْتاذَةَ الْفاضـِلَةَ الدّكتورة فاطِمَة راشِد الرّاجِحي الَّتي أَخَذَتْ بِيَدي، وَبَسَطَتْ لي ما عِنْدَها مِنْ نَفائِسِ الْكُتُبِ، وَلَمْ تَبْخَلْ عَلَيَّ بِنُصْح أَوْ إِرْشادٍ وَتَوْجيهٍ.
فَجَزاهُما اللهُ عَنّي خَيْرَ الْجَزاءِ، وَفَسَحَ في مُدَّتِهِما، وَنَسَأَ في أَثَرِهِما، وَمَلّاني بِهِما، لَهُما مِنّي خالِصُ الْوُدِّ وَثابـِتُ الْوَفاءِ.
وَلَيْسَ شُكْري لَهُمـا بِمُحَمِّـلٍ إِيّاهُمـا وِزْرَ مـا فَرَطَ مِنّـي في هَذِهِ الدِّراسَةِ، فَالإِحْسانُ فيها مُنْصَرِفٌ إِلَيْهِما، وَالْخَلَلُ الَّذي فيها مِنْ عَجْزي وَقُصوري، شَكَرَ اللهُ لَهُما، وَجَعَلَهُما مِنْ خَدَمَةِ هَذِهِ اللُّغَةِ الشَّريفَةِ.
وَالشُّكْرُ خالِصُهُ وَجَزيلُهُ لأَساتِذَتي الأَجِلّاءِ: المُحَكِّمِ الْخارِجِيِّ، وَعُضْوَي لَجْنَةِ المُناقَشَةِ: أُستاذي الدّكتور الْعَلّامَةِ الْحُجَّةِ الثَّبْتِ المُحَقِّقِ مُحَمَّد أَحْمد الدّالي ـ رَئيسًا، وَالأُسْتاذ الدُّكتور عَبْد الْفَتّاح الحمُّوز ـ مُناقِشًا؛ لِلَّذي بَذَلُوهُ جَميعًا مِنْ جُهْدٍ طَيـِّبٍ مُبارَكٍ مَشْكورٍ، وَلِما تَكَلَّفُوهُ مِنْ صَبْرٍ عَلى ما تَنَكَّبَ فيهِ الدّارِسُ عَنِ الْجادَّةِ، وَغَيْرَ شَكٍّ أَنّي مُفيدٌ مِنْ مَلْحوظاتِهِمُ الْقَيـِّمَةِ الَّتي سَتَجْبُرُ عَظْمي وَسَتُقيلُ عِثاري.
وَالشُّكْـرُ أَيْضًا لِكُلِّ مَنْ تَلْمَذْتُ لَهُ في قِسْمِ اللُّغَةِ الْعَرَبـِيَّةِ بِجامِعَةِ الْكُوَيْتِ، وَلا سِيَّما أَساتِذَتي الأَفاضـِلِ الأَجِلّاءِ: الأُسْتاذ الدّكتور الْعَلّامَةِ الْبَحْرِ الْحُجَّةِ الثَّبْتِ سَعْد عَبْد الْعَزيز مَصْلوح، وَالأُسْتاذ الدّكتور الْعَلّامَةِ المُحَقِّقِ مُحمَّد أَحْمد الدّالي، والأُسْتاذ الدُّكتور الْبَحّاثَةِ الْفَحْلِ النّاقِدِ الأَلمَعِيِّ أَحْمد إِبْراهيم الهَوّاريّ. أَطالَ الله بقاءَهُم جَميعًا، وَنَضَّرَ وُجوهَهُمْ، وَغَمَرَهُمْ بِعَيْنِ الْكِلاءَةِ، وَأَحاطَهُمْ بِيَدِهِ الْحانِيَةِ، وَحَرَسَهُمْ بِعَيْنٍ ساهِرَةٍ. لَهُمْ مِنّي جَميعًا خالِصُ الْوُدِّ، وَثابـِتُ الْوَفاءِ.
وَبَعْدُ:
فَهَذِهِ مُقَدِّمَـةٌ طالَتْ وما يَنْبَغي لَها ذَلِكَ، وَلَكِنَّ واجِبَ المُروءَةِ اقْتَضاني أَنْ أَذْكُرَ مَنْ ذَكَرْتُ بِما هُمْ أَهْلُهُ، وَالْحَمْدُ لله الَّذي وَفَّقَني إِلى هَذا الْعَمَلِ الَّذي اسْتَنْفَدْتُ فيهِ الْجَهْدَ وَالطّاقَةَ. فَإِنْ أَحْسَنْتُ فيـهِ، فَذَلِكَ فَضْـلُ الله عَلَيَّ، وَإِنْ كانَـتْ سِهامي خَواطِئَ، فَحَسْبي أَنَّني أَخْلَصْتُ النِّيَّةَ، وَبَذَلْتُ غايَةَ ما يُسْتَطاعُ:
إِذا لَمْ يَكُنْ عَوْنٌ مِنَ اللهِ لِلْفَتى
فَأَوَّلُ ما يَقْضي عَلَيْهِ اجْتِهادُهُ

وَآخِرُ دَعْوانا أَنِ الْحَمْدُ لله رَبِّ الْعالَمينَ
مُحَمَّد عِماد سَمير بَيازيد
الْكُوَيْت ـ ضاحِيَة عَلِيّ صُباح السّالم
فَجْرَ يَوْمِ الاثْنَيْن 7/ 8 (شَعْبان)/ 1428ﻫ = 20/ 8 (آب ـ أَغسطس)/ 2007م
   المجموعةمشروع 100 رسالة جامعية سورية
   الناشردار النوادر
   عنوان الناشردمشق
   سنة النشر (هجري)1433
   سنة النشر (ميلادي)2012
   رقم الطبعة1
   نوع الورقكريم شاموا
   غراماج الورق70
   قياس الورق17 × 24
   عدد المجلدات1
   عدد الصفحات430
   الغلاففني
   ردمك9789933459963
   تأليف/تحقيقتأليف
   تصنيف ديوي
USD16
https://www.daralnawader.com/تعقبات-الفارسي-لشيخه-الزجاج-في-(الإغفال)
 تحميل
 كلمات مفتاحية
 تعليقات الزوار
خالدسالم: 

احسن الله اليك وزادك من فضله

2014-05-20 11:48:41 am
محمد: 

مشكوررر

2014-05-20 11:48:41 am
اسم المستخدم
كلمة المرور
 مشاركة